الذكاء الاصطناعي يشعل أزمة النحاس.. نقص يلوح في الأفق وأسعار قياسية

منوعات

11:46 - 2025-12-13
تكبير الخط
تصغير الخط

اليوم الاخبارية - بغداد
في خضم السباق العالمي نحو الذكاء الاصطناعي والتحول الأخضر، يكتشف العالم أن المعدن الأكثر طلبًا في الثورة الجديدة ليس الذهب ولا الليثيوم بل النحاس. أو كما وصفته فايننشال تايمز: العالم دخل رسميًا عصر "جوع النحاس".
السبب بسيط ومعقّد في آن واحد: مراكز البيانات العملاقة، والشبكات الكهربائية الخضراء التي تُشغّل الذكاء الاصطناعي، تلتهم كميات غير مسبوقة من هذا المعدن الأحمر.
ويعتبر النحاس معدن أساسي في الكهرباء وتحول الطاقة، وقد حقق مكاسب تجاوزت 30% في العام الحالي في بورصة لندن للمعادن.

الذكاء الاصطناعي يضاعف شهية النحاس
وفق التقديرات، تحتاج الشبكات الكهربائية الخضراء ومراكز البيانات الحديثة إلى ما بين 27 و33 طنًا من النحاس لكل ميغاواط واحد من الطاقة الكهربائية، أي أكثر من ضعف ما تحتاجه مراكز البيانات التقليدية.
ومع توسّع الذكاء الاصطناعي، لا تقتصر الحاجة على الخوادم فقط، بل تمتد إلى شبكات نقل كهرباء أكثر كثافةً، محطات طاقة متجددة، وأنظمة تبريد وبنية تحتية رقمية عملاقة.
تقديرات شركة BHP، إحدى أكبر شركات التعدين في العالم، تشير إلى أن استهلاك النحاس في مراكز البيانات قد يقفز ستة أضعاف بحلول عام 2050.

سباق تسلّح يلتهم المعدن الأحمر
ولا يتوقف الضغط عند التكنولوجيا فقط، فسباق التسلح العالمي المتسارع يستهلك كميات ضخمة من النحاس لا يُعلن عنها، سواء في الصناعات العسكرية أو الأنظمة الدفاعية المتقدمة، ما يضيف طبقة جديدة من الطلب غير الشفاف على السوق.

الطلب ينفجر.. والإنتاج يتآكل
في الوقت الذي ينمو فيه الطلب بوتيرة متسارعة، تعاني القدرة الإنتاجية من اختناقات حادة؛ فالمناجم التي يفوق عمرها أكثر من قرن بدأت تتآكل، الاحتياطيات الجديدة نادرة ومكلفة، والمشاريع التعدينية الجديدة تحتاج سنوات قبل دخولها الإنتاج.
وتحذّر وكالة الطاقة الدولية من أنه بحلول عام 2035، فإن المناجم الحالية وتلك المخطط لها لن تلبي سوى 70% فقط من الطلب العالمي على النحاس.

العجز يبدأ الآن
العجز لم يعد خطرًا مستقبليًا، بل واقعًا يطرق الباب. التقديرات تشير إلى أن السوق قد تشهد نقصًا يتجاوز 300 ألف طن من النحاس هذا العام، مع توقع أن يتضاعف العجز في 2026.
هذا الخلل دفع الأسعار إلى مستويات قياسية، إذ تجاوز سعر النحاس 11 ألف دولار للطن، مقارنة بنحو 8500 دولار فقط قبل عامين.
وتشير تقديرات محللين إلى احتمال تسجيل عجز بنحو 450 ألف طن في 2026.
وذكروا أن أسعار النحاس يجب أن يتجاوز متوسطها 12 ألف دولار للطن العام المقبل من أجل جذب الاستثمارات الضرورية لتوسيع القدرات التعدينية وضمان توفر الإمدادات على المدى المتوسط والطويل.

اعتماد خطِر وسوق هشّة
ويعتمد العالم اليوم على نحو 20 منجمًا ضخمًا فقط تنتج ثلث النحاس العالمي. أي اضطراب — مثل الحوادث التي شهدتها مناجم كبرى في تشيلي هذا العام — كفيل بأن يهز السوق بأكملها.
حتى الولايات المتحدة، التي تقود سباق الذكاء الاصطناعي، باتت تستورد كميات ضخمة من النحاس، في مؤشر واضح على هشاشة سلاسل الإمداد.

سؤال المرحلة: هل يكفي النحاس؟
بين انفجار الطلب، وتآكل المناجم، وبطء الاكتشافات الجديدة، يقف العالم أمام معضلة استراتيجية حقيقية: هل يجد العالم ما يكفي من النحاس لتلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي والتحول الأخضر، أم أن المعدن الأحمر سيصبح عنق الزجاجة في ثورة المستقبل؟

أخبار ذات صلة