اقتصر التعليم في بلداننا العربية بعد الالفية الثانية في المدارس على المناهج العلمية بشكل دقيق وتراجع الاهتمام بالدروس الفنية والبدنية واصبح شبه معدوم فيكون درس الفنية أو التربية الرياضية درساً فارغاً " شاغراً" لا يحضره المعلمون عموما ، في حين غاب الادراك ان العقل السليم في الجسم السليم ، وأن الجسد له ذاكرة وكل ما تحركت خلايا الجسم تحركت خلايا العقل واصبح النمو في الخلايا أوسع واكبر .
الرسم مثل الرياضيات ، بل اكثر اهمية والتربية الرياضية لا تقل أهمية عن الاحياء فهي سلسلةُ واسعة ، لذلك عصر التكنولوجيا الحديثة شجع الاطفال والشباب على الكسل وعدم الحركة والاتكالية ليصبح هم الطالب الوحيد بعد انتهاء الحصص الرجوع الى الهاتف ، ونسيت الطالبات انهن فتيات نسين الحياكة والخياطة وابداعاتها وانجازها الجميل الذي يزيد النفس ثقةً وعنفوان ، ونسي الاولاد الرسم والسباقات البدنية للطلبة في التايكواندو والجري وكرة السلة وغيرها من الالعاب ليصبح الكسل هو لغة الجسد بدل الحركة وتحقيق الاهداف السامية والمشاركات في النشاطات الانسانية والتطوعية التي تعزز في نفوسهم قيم الفضيلة والرأفة والتماسك الاجتماعي ، هذه النشاطات التي كانت توصل اجيالاً الى الميداليات الذهبية والفضية على مستوى العالم وكانت الطبيعة ساحة كبيرة للخروج والتنزه ورؤية الحياة كيف تبدأ في الاشجار وكيف يكون قطف ثمارها اليانعة وكيف أن الحقول دربت الالاف من الشباب على تحمل المسؤولية وقوة البدن وكانت الساحات في القرى مكانا لركوب الخيل والتجوال عبر الزمن .. واخرجت تلك الظروف العفوية وانفاس الطبيعة وينابيع الخير داخل النفوس رجالاً تفوقوا وابدعوا في مجالاتهم مثل نجيب محفوظ وتوكل كرمان واحمد زويل وغيرهم من المبدعين .. الذين كانت هواياتهم تاريخ ونتاج وإبداع تعلقت في جبهة الايام مثل قناديل رمضان الذي يستبشر بها الناس خيراً.
وقد ثبت أن الهوايات تظهر في السنوات الاولى من عمر الطفل ويمكن تمييزها من قبل الاهل عند اختياره لنوع محدد من الهدايا أو قبوله اللعب على نوع من اللُعب تلك التي تنمي فيه التركيز وتحمل المسؤولية ومواصلة ما يصبو اليه وتعودّه على العمل الجماعي واكتساب الخبرات وبناء علاقات واسعة وثابتة مع اقرانه وبمتابعة الاهل يمكن ابعاده عن اصدقاء السوء لتجنبه الوقوع في الزلل والابتعاد عن مواطن الفشل هذه المسؤوليات كلها تبدأ من الاسرة وتمر بالمدرسة وتنتهي بالمجتمع حيث أن التعلم لا تتوقف في عمر معين بل يبقى الانسان يكتسب خبراته مع النضج والوعي ونمو الادراك ليكون مؤهلا على اتخاذ القرارت الصائبة والمواقف الصحيحة في كل ما تصادفه في الحياة .