أبو رغيف؛ الخطاب النوعي في الموسم الحسيني!

فلاح المشعل

قبل 3 أيام
تكبير الخط
تصغير الخط


أفرزت قناة الشرقية في ليلة العاشر من محرم، ساعة من الحوار المهم مع المفكر العراقي سيد رحيم أبو رغيف في حواره مع هشام علي في برنامجه المميز "مواجهة" وكان حوارا جدليا جاذبا ومهما بتوقيته وأسئلته.
انتشرت أفكار أبو رغيف في استخلاص الفكرة والعبرة من تاريخ الإسلام والمؤسسة الدينية، وماذا يعني دورها في حياة الدولة الحديثة، والمعاني المتجددة لآفاق الثورة التي تتخطى مفاهيم الطقوس الروحية إلى مشاريع بناء الإنسان والمجتمع وفق التطور الحاصل في العالم والمناهج والمفاهيم السياسية الحديثة، وتلك لعمري هو التمثيل العملي لمشروع التطور ومفاهيم الثورة السلمية المتمثلة في مشاريع الحوكمة وغلق منافذ الفساد، واستعادة الأدوار الطبيعية للمؤسسات وحدودها، كما ربط السيد أبو رغيف بين موضوع مشاركة رجال الدين في السلطة، وطالب بعزلهم من أجل تحرير الدولة من الفساد وتسليمها إلى رجال الدولة، لأن سلطة رجال الدين تكرس الدولة لمصالحها الخاصة والشخصية والحزبية وفق ما يترشح عنهم من فقه السلطة!
إن تطوير الوعي الحسيني ينبغي أن يتجلى بخطاب يتخطى السياق التقليدي الذي تكرره المنابر السنوية على نحو ميكانيكي يستدر العاطفة وحسب، بل نحتاج إلى حوار يناقش واقعنا الاجتماعي والسياسي والمعيشي ومظاهر الكفر والإيمان، العنف وأسبابه، فساد السلطة وآليات مكافحتها، توجيه النقد الموضوعي بصراحة تامة للفساد والاستبداد، وقد انبرى المفكر أبو رغيف بجرأة عالية متصديا لتلك الأسئلة التي يخشى أكثر رواد المنابر التطرق إليها بوضوح.
أبو رغيف عندما يطرح أفكاره النقدية في سياق تنظيري بلغة مقبولة ورشيقة على مسامع المتابعين، لن يتخطى تشخيص واقعية الحدث السياسي، وهو يشير دون تردد إلى السيد مقتدى الصدر بكونه المصلح أو رائد الحركة الإصلاحية والزاهد بمغريات وامتيازات السلطة بعد تخليه عن 73 مقعدا نيابيا، كذلك في تشخيص الدور الإيجابي لمرجعية السيد السيستاني، وحدد بجرأة عوامل وعناوين الفساد، والأزمات الحقيقية التي تحيط بموضوع الانتخابات ومشروع الديمقراطية عموما.
ساعة مفعمة بالحوار الساخن الذي يصطحب معه ذهن وفكر المتلقي للمشاركة بالتفكير، با ويدعوه إلى الفعل والمبادرة، ولعله المفكر العراقي الوحيد الذي يخرج من أفق التأمل الفلسفي والاختباء وراء أحداث التاريخ والسرديات، إلى ضوء الشمس والحرية الشجاعة في قراءة الواقع والمشاركة في نقده وتحرره.

المزيد من مقالات الكاتب