قد يتحوّل البعض بين ليلة وضحاها ممن اعتلوا اعلى المناصب الى اشخاص اخرين ، ونرى "ضخامته " كما قال احد فطاحلة اللغة " فخامته "من مسؤول وموظف كبير في الدولة ، تسير خلفه "سيارات ربع دفاعي " وليس "دفع رباعي" على حد قول احد اخر من جهابذة الفكر السياسي واللغة العربية ، من كائن رسمي ومخيف الى شخص كيوت ولطيف ، لا يتأخر ولا يهمل او يتردد بالرد على رسائل الناس واتصالات اصدقاءه من المحاربين القدامى وجنرالات العمق الاجتماعي ، سواء ممن كانوا معه في فترة النضال السري او ممن جمعتهم السياسية وقت الجلوس على"الطاولة المستطيلة" بل قام بحذف اسماء الكثير منهم واهداهم "بلوك بطعم الكرز"، لغرض تعويدهم على استنشاق طعم جديد ومختلف من التصرفات الغير مألوفة التي يعتقد بأنها جزء من فلسفة الهيبة وفرض الشخصية واحدى ابواب "الكشخة "، ولكي يخرج عن احراج الوساطات والمجاملات التي ليس فيها فائدة غير الصداع النصفي ونكران الجميل من الكثير منهم الذين يتمتعون بذاكرة سمكية لا يتذكرون افضال سيادته عليهم ، وذهب لممارسة مهامه من "موقع ادنى " لتكون احدى اهم هواياته الاندماج ضمن قائمة الطبقة المخملية ، الذي كان يعتقد قبل وصوله الى المنصب بأنها احدى اكلات بغداد الشعبية.
وقد تتحول النعمة يوماً ما الى نقمة ووبال وبلاء كبير خصوصاً اذا ماكان صاحبها حديث عليها ولا يتقن استخدام صفة التَوريَة ، وان لم يراعِ الانسان سلوكياته تجاه الله وتجاه اقرانه لايمانه المطلق بأن السلطة جاءت له منحة له من الاله استنادا لنظرية الحق الالهي غير المباشر ، وان لم يتم توظيف معايير مناسبة لهذه المهمة وتأطيرها بشكل يتوائم ويتناسب مع حجم المكان ، وسيذهب زهو وجمال "الكشخة" فيكون وقع نزولها علىً رأسه اقوى من "الفشخة" ، انذاك استطيع وصف مرحلة التحول تلك بفترة " البرزخ السياسي " عندما يصل فيه منسوب البهرجة والعنفوان لاعلى الدرجات قبل البدء بالهبوط التدريجي الى مطار الاضمحلال والاندثار الكامل، وقد يكون المنصب هو اتعس شيء في حياة الانسان قبل انتهاء العمر الافتراضي الوظيفي له اذا لم يتعامل معه بحرفية وحنكة، ليعش حينها في تقوقع وانعزال ووسواس قهري وعدم شعوره بالامان والخوف اكثر مما كان عليه من قبل، نتيجة عدم مقدرته للرجوع لاطلال الماضي التليد الذي كان عليه قبل وصوله الى ذلك المنصب المشؤوم .