المقابلة التي أجراها الصحفي والمذيع الأمريكي في شبكة "فوكس نيوز" تاكر كارلسون الذي بدا وكأنه ممثل في مسلسل الوادي الكبير الذي كنت أشاهده نهاية سبعينيات القرن الماضي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت صادمة وعنيفة في وقعها برغم هدوء الرئيس واندهاش الصحفي، وفي عبارة مثيرة، قال بوتين إن كل محاولات واشنطن لمحاصرة روسيا فشلت وإن أمريكا لا تملك الأدوات لذلك ونصح الغرب باختيار الطريقة المناسبة للاعتراف بالهزيمة والفشل في إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا وإن على النخب الغربية أن تدرك إن التغيير الذي يحدث والتحول الكبير وصعود الصين وروسيا وتفوقهما أمر لا يمكن وقفه وهو مستمر مع كل شروق شمس، وإنه نصح بايدن أن لا يرتكب خطأ تاريخيا بدعم أوكرانيا وإن التغيير يحدث بطريقة موضوعية ولا علاقة له بما يجري في أوكرانيا مشيرا الى إن منظمة "بريكس" تتفوق على مجموعة السبع وإن الأخيرة تتراجع عاما بعد عام في تفوقها الاقتصادي وإسهاماتها في الاقتصاد العالمي الذي تحتل الصين فيه الريادة.
واضح تماما خشية الأمريكيين من هذه المقابلة المعلن عنها مسبقا ولعل المثير إن ترامب الذي قال إنه لو كان رئيسا لأنهى الحرب في أوكرانيا بسرعة ويعني علاقته المميزة مع الرئيس بوتين، وكان ترامب يتابع برامجه بانتظام، وتكمن خشية واشنطن من إجراء المقابلة في إدراك الجانب الأمريكي لقدرات الرئيس الروسي ونوع الرسائل التي سيبعث بها وحجم التفوق الروسي في حرب أوكرانيا وكشف عورات السياسة الغربية والأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبها الأمريكيون وحلفائهم الغربيين الذين يعانون من نقص الذخيرة وخلو المستودعات العسكرية من السلاح بعد فترة طويلة من المعارك القاسية التي تمكنت فيها روسيا من إذلال الغرب والسيطرة على معظم الأراضي شرق نهر "دينبرو" الذي يمتد من بيلاروسيا حتى الجنوب قريبا من جزيرة القرم ويقسم أوكرانيا الى قسمين مع انهيار كامل للاقتصاد وفرار لملايين السكان بسبب حماقات وصبيانية فلاديمير زيلينسكي وتابعيته للغرب و عنجهيته وغبائه المفرط وتضييعه لدولة كان يمكن أن تكون دولة عظيمة لولا إنها تحولت الى جبهة متقدمة للناتو في مواجهة روسيا العظمى.
نحن في العراق لم نتنبه كثيرا للمقابلة لولا أن كارلسون وصفنا في ذات يوم بالقرود ونحمد الله إن بوتين جعل من الغرب والإعلاميين والساسة في الولايات المتحدة كمهرجين في سيرك ومجموعة من القرود التي تتقافز هنا وهناك وتثير سخرية الجمهور الذي لم يضطر ليدفع الكثير مقابل الفرجة وقليل من الاستمتاع ويبدو تماما حجم الصدمة الغربية حيث تحاول وكالات غربية الحصول على موافقات لإجراء مقابلات أخرى مع بوتين الذي يثير فضول الغرب وإعجابه ومزيد من الحقد والحسد لدى سياسييه الحمقى والمتهالكين والذين يفضلون الدفاع عن المثلية الجنسية أكثر من الميل للحديث عن المستقبل والنهايات وكيف يمكن حماية العالم ويصرون على إشعال الحروب وقتل المزيد من الناس ودعم القتلة كما هو الحال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي المتوحش بنيامين نتنياهو الذي يمارس هواية قتل الأطفال ويلقى الدعم من عواجيز السياسة الغربية.
بدا لي الرئيس بوتين وهو يرفع فردتي حذائه ليضرب بها رأس الغرب لكنه مضطر لاستخدام إحداهما فهي تكفي لسحق رأس يملأه العفن.