القضاء مفتاح الحل

فاضل ابو رغيف

قبل 15 ساعة
تكبير الخط
تصغير الخط

القضاء مفتاح الحل 
لعل توضيح الواضحات من أعقدِ المشكلات، لكنَ رَسمْ العنوان قد 
يُؤْتِي أَكْلَهُ، وسبق الثورة الفرنسية الثورة الأمريكية ( ثورة الاستقلال)، وهي الثورة التي أستقلت بها الولايات المتحدة عن أنكلترا، وصنعوا من بلادهم بعد أستعمار طال أمده، فصاروا أمةً واحدة، والذي يهمني هنا ، أنهم عندما صنعوا دستور الحكم ، خشوا أيضاً من الحكومات التي تقوم فيهم، ومنهم ، فعمدوا لحمايةِ الحريات بفصلِ السلطاتِ ولكن بأسلوبٍ آخر ، وذلكَ بان فصلوا بين رئيس الجمهورية ورجال الكونغرس ( البرلمان)، في الانتخابات كل ينتخبه وحده، وكل يبقى على أستقلالٍ عن صاحبهِ مدةً طول مدة قيامه بواجباتهِ وفقاً للدستور، فإذا جئنا للقضاءِ وجدنا أن رئيس الجمهورية يُعيّنْ قضاة المحكمة العليا بشرطِ موافقة الكونغرس، فإذا شَغَلَ هؤلاء القضاة أماكنهم فلا يمسهم أحد ، وهنا فمجلس القضاء  تكون مرجعيته رئيس الجمهورية، وهو الذي يقضي ضد الإساءات الدستورية إذا وقعت، وقد نشأت ثلاث ثورات عالمية كان لها في ارجاءِ العالم أصداء واسعة، حلّتْ معضلة الحكم بعض الشيء، بان جعلت الدولة سلطات ثلاثا، سلطة التنفيذ وعلى رأسها الوزراء، وسلطة التشريع وتشمل نواب الأمة، وسلطة القضاء ، وفصلت هذه السلطات بعضها عن بعض، وفضلاً عن هذا ، فقد جاءت هذه الثورات ، وكان لها بين أهلها وبين شعوب الأرض دويٌّ كبير، جاءت كما يجيء الإنسان مرضٌ خطير يكاد أن يودي بحياتهِ ، ثم يجد الدواء الشافي ليشفيهِ من مرضهِ ليكون صحيحاً من سقمهِ، وان يكن فصل السلطات كان له في استقرار الحكم شأن كبير، فان فيما أستخلصته هذه الثورات الثلاث من حقوقٍ للإنسان صاغتها وأعلنتها كذلك شأن بيّن، وميزة أخرى لهذهِ الثورات الثلاث ، أنها فرقت بين الفردِ والمجتمع ولكنها لم تكن لتضحي بالفردِ في سبيل المجتمع ، وساد مبدأ الحرية الفردية دهراً طويلاً، سيما ببريطانيا وفرنسا وأمريكا (وكانت هذهِ الفسحة لها أفرازاتها غثها وسمينها)، ومن مساوئها:
١- ان الحرية الفردية أدت بعد اطلاقها لاستعباد الفرد للفرد.
٢-ان العصر الصناعي تبدّل وتغير ليستيقيم مع حاضرهِ.
٣-ان حقوق الإنسان تلك التي صاغتها الثورة الفرنسية ومن قبلها ثورة الاستقلال الأمريكية، كانت تغلب عليها السلبية دون الإيجابية، ووجدت للمجتمعات الحديثة مطالب غردت خارج الإنسان.
وواحدة من عيوبها، أنها صنعت قضاءً منقاداً مؤدجلاً وأسيراً لأنظمةِ الحكومات التي كانت مصنوعة من أفكارها، فالقانون الروماني الأساس الذي بُني عليه نظام القانون المدني في العديد من الدول. ساهم الفقهاء الرومان مثل غايوس وأولبيان وجستنيان في تطوير مبادئ قانونية أساسية، مثل مفهوم العقد والملكية والمسؤولية المدنية. كان جستنيان الأول (527-565) من أبرز الأباطرة الذين ساهموا في جمع وتدوين القانون الروماني في مجموعة قوانين معروفة باسم “القانون الجستنياني”، والتي أصبحت مرجعًا هامًا لتطوير القانون المدني في أوروبا، واذا كان جستنيان هو الأب الروحي للقانون الروماني في زمانهِ، فان قاضٍ ظَهرَ بشكلٍ تراتبي بالشرق الأوسط وفي بلاد ما بين النهرين ، وهو غايوس العراق ، فائق زيدان ، فقد عَمَدَ على أستحداثِ منهجٍ جديد كان هو الأوحد في المنطقة، لم يسبقهُ لهُ أحد، وذلك حينما فَصَلَ مجلس القضاء الأعلى عن دواوين السلطات بكل أفنانِ وفروع الرئاسات، وجعل العراق بكل المنطقة يتفرد بفصلهِ عن اي سلطة تنفيذية ( وجعل القضاء مفصولاً عن مناخاتِ التأثر متفرداً بسلطةِ القانون دون أيحاءات وإملاءات)، والمتطلع القريب لجميعِ دِول المنطقة يجد أن جميع مجالس القضاء مرتبطة أما بوزارة العدل ( كما كانت أبان الحقبة الأسبق)، او بالدواوين الملكية ( كما بدول الممالك)، وأما برئاسات الجمهورية، لكن الرجل الصموّت اللوذعي زيدان، أنتهجَ بشكلٍ هادىء دون جلبة تمتين القضاء واستقلاليته وترصينه بصورةٍ تجعلنا نقول ان اولپيان الرماني كان خامس حكماء القانون فنقول لهم ان اولپيان العراق فائقنا الذي لا مُرادفَ لهُ ولا وئيداً لما قامَ بهِ.
فاضل ابو رغيف.

المزيد من مقالات الكاتب