التوجيه المعنوي ودوره في تعزيز حقوق الإنسان في وزارة الداخلية
بقلم: [العقيد الماجستير / ناطق حمدان مطرود مدير التوجيه المعنوي والعمليات النفسية]
تُولي الدول الحديثة أهمية متزايدة لاحترام حقوق الإنسان باعتبارها ركيزة أساسية في بناء الأمن والاستقرار الداخلي. وفي هذا السياق، فإن قسم التوجيه المعنوي والعمليات النفسية وهو من الاقسام التي اسست في ٢٠١٥/١١/٢٢ حيث جاء تاسيسه للحاجة النفسية الماسة اذبان دخول داعش الى المحافظات المتمثلة بالموصل،وصلاح الدين،والانبار وغيرها من الناطق التي تواجد فيها الارهاب الداعشي ونتيجة ماشهدته المرحلة ان ذاك من انكسار في المعنويات لدى القوات الامنية ومن ضمنهم منسوبي الوزارة والمواطنين واشاعة الرعب والقتل والدمار ..الخ حيث جاء دور هذا القسم والذي يعد من الاقسام الاساسية في دائرة العلاقات والاعلام ضمن وزارة الداخلية حيث لعب دورًا محوريًا في ترسيخ المبادئ لدى منتسبي الوزارة، من ضباط ومنتسبين وموظفين، بما يعزز العلاقة الإيجابية بين رجال الأمن والمجتمع وذلك من خلال الزيارات الميدانية التي يجريها على مفاصل و تشكيلات الوزارة والتي تشمل التوعية والتثقيف وتحصين المنتسبين والمواطنين من الحرب النفسية وادواتها .
مفهوم التوجيه المعنوي
التوجيه المعنوي هو منظومة متكاملة من الأنشطة الإعلامية، التثقيفية، والتربوية التي تهدف إلى بناء شخصية رجل الأمن ( الشرطة ) وهنا نقصد به ضباطا،ومنتسبين،وموظفين. معرفيًا وأخلاقيًا، بما يتوافق مع القيم الوطنية والدينية والإنسانية. ويتجسد دوره في تعزيز الانضباط المهني، رفع الروح المعنوية، وتوجيه السلوك المهني وتحصين النفسي للمنتسبين بما يخدم الصالح العام ويحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والمقيمين فضلا عن دوره البارز في اشاعة اجواء الطمأنينة في مختلف الضروف حيث تعد العمليات النفسية هي الوجه الابرز والاحدث مع التطور التكنلوجي الحاصل في مجالات الحياة المختلفة فتعد العمليات النفسية والتي تتلخص بثلاث امور يعمل عليها صانع العملية النفسية، الاولى منها العمل النفسي المستمر على الصديق حتى يبقى صديقا والثانية منها العمل النفسي الحثيث على الشخص او الطرف المحايد لكسبه وجره الى جانب اوخانة صانع العملية النفسة ذاته والثالة منها وهي الاكثر جهدا في العمل النفسي الكبير على العدو بغية تحقيق الاهداف المنشودة من الشخص او الجهة الصانعة للعملية النفسية.
حقوق الإنسان في قلب العمل الأمني
أصبحت حقوق الإنسان عنصرًا لا يتجزأ من العمل الشرطي والأمني، حيث يتطلب أداء المهام الأمنية الالتزام التام بالقوانين والمعاهدات الدولية التي تضمن كرامة الإنسان، وعدم اللجوء إلى التعسف أو استخدام القوة المفرطة، واحترام الحريات العامة والخصوصية.
وفي هذا الإطار، تسعى وزارة الداخلية من خلال التوجيه المعنوي والعمليات النفسية إلى ترسيخ هذه المبادئ بواسطة مجموعة من البرامج التدريبية، المحاضرات، الحملات الإعلامية، والدورات التوعوية التي تستهدف جميع منتسبي الوزارة، لضمان ملائمة تلك الممارسات الأمنية لاهدافها وان تكون متوافقة مع قيم حقوق الإنسان وايضا من خلال تعريفهم بدور الحرب النفسية التي قد تمارس ضد المنتسبين والمواطنين وبالتالي المجتمع بكامله احيانا وذلك من خلال ادواتها الثلاث (( الدعاية، الاشاعة،غسيل الدماغ)).
أدوار التوجيه المعنوي والعمليات النفسية في تعزيز حقوق الإنسان
1. التثقيف القانوني والحقوقي المستمر للمنتسبين حيث
يضطلع التوجيه المعنوي بمهمة نشر الوعي القانوني بين رجال الأمن حول الحقوق التي كفلها الدستور وقانون قوى الامن الداخلي والاتفاقيات الدولية، وآليات التعامل مع مختلف الحالات الميدانية دون الإخلال بتلك الحقوق.
2. تعزيز القيم الأخلاقية والدينية
يعتمد التوجيه المعنوي على القيم السماوية و الإسلامية والإنسانية التي تحث على العدل، الرحمة، واحترام الآخر، لتكون مرجعية سلوكية لرجل الأمن أثناء أداء مهامه وذلك من خلال الشعب التخصصية في قسم التوجيه المعنوي والعمليات النفسية المتمثلة بشعبة العمليات النفسية،وشعبة الارشاد الديني،وشعبة الارشاد الاجتماعي، وشعبة التوعية والنشر الوطني، وشعبة،مكافحة التطرف العنيف المؤدي الى الارهاب.
3. إنتاج المحتوى الإعلامي الهادف
يتم ذلك الهدف عبر النشرات الاخبارية في إذاعة وزارة الداخلية، الفيديوهات الميدانية المختلفة، والمواد التوعوية المختلفة من خلال مكبرات الصوت الميدانية والبروشورات المطبوعة التي توزع على المنتسبين والمواطنين حسب التخصص والحاجة، والمحاضرات الميدانية المقتضبة مع المنتسبين والمواطنين ايضا،حيث يتم تسليط الضوء على النماذج الإيجابية والتجارب الناجحة في التعامل الإنساني من قبل رجال الأمن، مما يسهم في بناء صورة ذهنية إيجابية داخل المؤسسة الأمنية وخارجها.
4. التفاعل المجتمعي
يشجع التوجيه المعنوي على الانخراط في أنشطة الخدمة المجتمعية والمدنية وقد تصل الى الشراكة والتعاون مع منظمات المجتمع المدني والتطوعية منها ولاسيما منها في الزيارات الملونية والمناسبات الوطنية ذات الطابع الاجتماعي حيث يتوفر فيها اعداد بشرية لايستهان بها وماتعد بيئة خصبة للعمليات النفسية، قد تستغل بشكل سلبي من قبل العدو او المتربص شرا ببلدنا وايضا الاستماع لشكاوى المواطنين، ما يعزز الثقة المتبادلة ويؤكد حرص الأجهزة الأمنية على حماية الإنسان بالدرجة الاساس لا فقط فرض النظام.
نحو مؤسسة أمنية أكثر إنسانية
إن التحولات التي يشهدها العالم تفرض على المؤسسات الأمنية تطوير آليات عملها بما يتلاءم مع متطلبات العدالة واحترام الإنسان. ومن هذا المنطلق، يظل التوجيه المعنوي حجر الزاوية في بناء منظومة أمنية متوازنة، تجمع بين الحزم في تنفيذ القانون، والرحمة في التعامل مع الناس، والاحترام الكامل للحقوق والحريات وذلك من خلال التوصيات المستمرة والاجتماعات والزيارات المتخصصة في هذا الشان لمفاصل وتشكيلات الوزارة وبقية الوزارات والجامعات والتجمعات البشرية المختلفه في العراق .
خاتمة
لن يتحقق الأمن الحقيقي دون شراكة وثيقة بين المواطن ورجل الأمن وهذا مانذكره دائما في جولاتنا الميدانية على منسوبينا من وزارة الداخلية و على المواطن ذاته بإن المعادلة الامنية لاتتحقق وتكتمل الا بوجود عنصر المواطن في ايصال المعلومة ، وايضا هذه العلاقة لابد ان تكون قائمة على الثقة والاحترام المتبادل. ومن هنا، فإن دور التوجيه المعنوي والعمليات النفسية يتجاوز كونه قسم اوظيفة داخلية إلى كونه رسالة وطنية وأخلاقية صادرة تسهم في بناء دولة العدالة والكرامة.